فصل: قال مجد الدين الفيروزآبادي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



مسألة: قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أنه لا إله إلا هو وَالْمَلَائِكَةُ} الآية:
ما فائدة تكرير لفظ التوحيد؟.
أن الأول: منشهود به، والثاني: حكم بما تمت به الشهادة.
فالأول: بمنزلة قيام البينة، والثانية: بمنزلة الحكم بذلك.
مسألة: قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ما فائدة تكراره؟
جوابه:
أن الأول في سياق الوعيد لقوله: {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}.
والثاني: في سياق حذر التفويخا للخبر، ولذلك خصه بقوله: {وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
مسألة: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} ثم قال: {وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}:
جوابه:
أن الأولين: جميع الأنبياء والرسل من نسلهم.
وآل إبراهيم: إما نفسه، أو من تبع ملته.
وآل عمران: موسى وهارون، ولم يكن عمران نبيًا.
مسألة: قوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} وفى مريم: قدم ذكر المرأة؟.
جوابه:
لتناسب رءوس الآية في مريم بقوله: {عتيا}، {وعشيا}، {وجنيا}. وأيضا: لما قدمه بقوله: {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} وَ{كَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} أخره ثانيًا تفننا في الفصاحة.
مسألة: قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} وفي مريم، {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ}؟
جوابه:
لتقدم قوله في مريم {لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}.
مسألة: قوله تعالى: {فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ} وفي المائدة: {فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي} ذكرها وأنث في المائدة؟
جوابه:
أن آية آل عمران من كلام المسيح عليه السلام في ابتداء تحديه بالمعجزة المذكورة ولم تكن صورة بعد فحسن التذكير والإفراد.
وأية المائدة من كلام الله تعالى له يوم القيامة معددا نعمه عليه بعد ما مضت وكان قد اتفق ذلك منه مرات، فحسن التأنيث لجماعة ما صوره من ذلك ونفخ فيه.
مسألة: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ}، وكذلك في مريم. وفى الزخرف: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} بزيادة (هو)؟.
جوابه:
أن آية آل عمران ومريم تقدم من الآيات الدالة على توحيد الرب تعالى وقدرته وعبودية المسيح له ما أغنى عن التأكيد.
وفى الزخرف: لم يتقدم مثل ذلك، فناسب توكيد انفراده بالربوبية وحده.
مسألة: قوله تعالى: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} وفى المائدة: {وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}؟.
جوابه:
أن آية المائدة في خطاب الله تعالى لهم أولا، وفى سياق تعدد نعمه عليهم أولا، فناسب سياقه تأكيد انقيادهم إليه أولا عند إيحائه إليهم.
وآية آل عمران في خطابهم المسيح لا في سياق تعدد النعم فاكتفى ثانيا بـ (أنَّا) لحصول المقصود.
مسألة: قوله تعالى: {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.
ومثله في النحل: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية.
وفى لقمان: {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، وفيها: {إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا} الآية.
جوابه:
لما تقدم في السورتين ذكر الاختلاف ناسب ذكر الحكم، بخلاف سورة لقمأن لانها عامة في الأعمال.
مسألة: قوله تعالى: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} وفى البقرة: {فَلَا تَكُنْ}؟
جوابه:
أن آية البقرة تقدمها {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} فناسب:
ولا تكونن، ولم يتقدم هنا ما يقتضيه.
مسألة: قوله تعالى: {لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا} وفى الأعراف: {مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} بزيادة (به وبالواو)؟.
جوابه:
أن {تَصُدُّونَ} هنا: حال، وإذا كان الفعل حالا لم يدخله الواو.
وفى الأعراف جملة معطوفة على جملة كأنه قال: توعدون، وتصدون، وتبغون.
مسألة: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} وفى الأنفال: {إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}؟
جوابه:
أن آية آل عمران ختم فيها الجملة الأولى بجار ومجرور وهو قوله (لكم) فختمت الجملة التي تليها بمثله وهو قوله (به) لتناسب الجملتين.
وآية الأنفال: خلت الأولى عن ذلك فرجع إلى الأصل وهو إيلاء الفعل لفعله، وتأخير الجار الذي هو مفعول.
وجواب آخر:
وهو أنه لما تقدم في سورة الأنفال: {لكم} في قوله: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} علم أن البشرى لهم، فأغنى الأول عن ثان، ولم يتقدم في آل عمران مثله وأما (به) فلأن المفعول قد تقدم على الفاعل لغرض صحيح من اعتناء، أو اهتمام، أو حاجة إليه في سياق الكلام، فقدم (به) هنا اهتماما، وجاء في آل عمران على الأصل.
وجواب آخر: وهو التفنن في الكلام.
مسألة: قوله تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} معرفا. وفى الأنفال: {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} منونا.
جوابه:
أن آية الأنفال نزلت في قتال بدر أولا، وآية آل عمران نزلت في وقعة أحد وثانيا.
فبين أولا: أن النصر من عنده لا بغيره من كثرة عَددٍ أو عُددٍ، ولذلك علله بعزته وقدرته وحكمته المقتضية لنصر من يستحق نصره.
وأحال في الثانية على الأولى بالتعريف، كأنه قيل: إنما النصر من عند الله العزيز الحكيم الذي تقدم إعلامكم أن النصر من عنده، فناسب التعرف بعد التنكير.
مسألة: قوله تعالى: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}. وفى العنكبوت: {نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} بغير واو في (نِعْمَ).
جوابه:
لما تقدم عطف الأوصاف المتقدمة وهى قوله: {وَالْكَاظِمِينَ} {وَالْعَافِينَ} {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا} {وَلَمْ يُصِرُّوا} {جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ} {وَجَنَّاتٌ} {وخلود}.
ناسب ذلك العطف بالواو المؤذنة بالتعدد والتفخيم. ولم يتقدم مثله في العنكبوت فجاءت بغير واو، كأنه تمام الجملة.
مسألة: قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}.
وفى فاطر: {بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} بالباء في الثلاثة؟
جوابه:
أن آية آل عمران سياقها الاختصار والتخفيف بدليل حذف الفاعل في كذب وورود الشرط ماضيا وأصله المستقبل، فحذف الجار تخفيفا لمناسبة ما تقدم.
وأية فاطر سياقها البسط بدليل فعل المضارع في الشرط، وإظهار فاعل التكذيب، وفاعل ومفعول {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ}، فناسب البسط ذكر الجار في الثلاثة.
مسألة: قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ} وفى يونس: {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ}.
قدم هنا خلق السموات، وأخر عنه في يونس؟.
جوابه:
لما قال هنا {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أتبعه بخلقها، ثم بـ: {اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}.
وفى يونس لما قال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} إلى قوله: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}، وإنما ذلك باختلافهما: ناسب ذلك اتباعه بذكر اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
مسألة: قوله تعالى هنا: {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} بثم وفى غيره: {وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} بالواو؟.
جوابه:
لما تقدم قوله تعالى: {تقلبهم في البلاد} و{مَتَاعٌ قَلِيلٌ} والمراد في الدنيا، وجهنم إنما هي في الآخرة، فناسب: (ثم التي للتراخي).
وآية الوعد: عطف جهنم على {سوء الحساب} وهما جميعا في الآخرة، فناسب العطف بالواو. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزآبادي:

وأَما المتشابهات فقوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} وفى آخرها {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} فعَدَل من الخطاب إِلى لفظ الغَيبة في أَول السورة، واستمر على الخطاب في آخرها؛ لأَن ما في أَول السورة لا يتصل بالكلام الأَول، كاتصال ما في آخر السورة به؛ فإِن اتصال قوله: {إِنَّ للَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} بقوله: {إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيْهِ} معنوىّ، واتصال قوله: {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} بقوله: {رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدْتَنَا} لفظىّ ومعنوىّ جميعًا؛ لتقدم لفظ الوعد.
ويجوز أن يكون الأَول استئنافًا، والآخر من تمام الكلام.
قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} كان القياس: فأَخذناهم لكن لما عدل في الآية الأولى إِلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ لْمِيعَادَ} عدل في هذه الآية أيضا لتكون الآيات على منهج واحد.
قوله: {شَهِدَ اللَّهُ أنه لا إله إلا هو} ثم كرّر في آخر الآية، فقال: {لا إله إلا هو} لأَن الأَول جَرَى مَجْرى الشهادة، وأَعاده ليجرى الثانى مجرى الحكم بصحّة ما شهد به الشهود.
قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} كرّره مرتين؛ لأَنه وعيد عُطف عليه وعيد آخر في الآية الأولى، فإِن قوله: {وَإِلَى اللهِ الْمَصِيْر} معناه: مَصِيركم إِليه، والعقاب مُعَدٌّ له، فاستدركه في الآية الثانية بوعد وهو قوله: {وَاللهُ رَءُوْفٌ بِالْعِبَادِ} والرأْفة أَشد من الرحمة.
قيل: ومِن رأْفته تحذيرُه.
قوله: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي لْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} قدم في السورة ذكر الكِبَر وأخر ذكر المرأَة، وقال في سورة مريم {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} فقدم ذكر المرأة لأَن في مريم قد تقدم ذكر الكِبَر في قوله: {وَهَنَ العَظْمُ مِنِي}، وتأَخر ذكر المرأَة في قوله: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} ثم أَعاد ذكرهما، فأَخر ذكر الكِبَر ليوافق {عتيا} ما بعده من الآيات وهى {سَويًّا} و{عشيًّا} و{صبيًّا}.
قوله: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} وفى مريم {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} لأَن في هسه السورة تقدم ذكرُ المسيح وهو ولدها، وفى مريم تقدم ذكر الغلام حيث قال: {لأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا}.
قوله: {فَأَنْفُخُ فِيْهِ} وفى المائدة {فيها} قيل: الضمير في هذه يعود إِلى الطير، وقيل إِلى الطين، وقيل إِلى المهيَّأ، وقيل إِلى الكاف فإِنه في معنى مثل.
وفى المائدة يعود إلى الهيئة.
وهذا جواب التذكير والتأنيث، لا جواب التخصيص، وإِنما الكلام وقع في التخصيص وهل يجوز أن يكون كل واحد منهما مكان الآخر أَم لا.
فالجواب أَن يقال: في هذه السُّورة إِخبار قبل الفعل، فوحَّده؛ وفى المائدة خطاب من الله له يوم القيامة، وقد سَبَق من عيسى عليه السلام الفعلُ مرّات والطير صالح للواحد والجمع.
قوله: {بِإِذْنِ اللهِ} ذكره هنا مرتين، وفى المائدة {بِإِذْنِي} أَربعَ مرات لأَن ما في هذه السُّورة من كلام عيسى، فما تصور أضن يكون من قِبَل البشر أَضافه إِلى نفسه، وهو الخَلْق الذي معناه التقدير، والنفخ الذي هو إِخراج الريح من الفم.
وما لا يتصوّر أَضافه إِلى الله وهو قوله: {فَيَكُوْنُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وأُبْرِئُ الأَكْمَهُ وَالأَبْرَصَ} مما لا يكون في طوق البشر، فإِن الأَكمه عند بعض المفسرين الأَعمشُ، وعند بعضهم الأَعشى، وعند بعضهم من يولد أَعمى، وإِحياء الموتى من فعل الله فأَضافه إِليه.
وما في المائدة من كلام الله سبحانه وتعالى، فأَضاف جميع ذلك إلى صنعه إِظهارًا لعجز البشر، وكذلك الثانى يعود إِلى الثلاثة الأُخرى.
قوله: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} وكذلك في مريم وفي الزخرف في هذه القصَّة {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} بزيادة {هو} قال تاج القُراء إِذا قلت: زيد قائم فيحتمل أن يكون تقديره: وعمرو قائم.
فإذا قلت زيد هو القائم خصصت القيام به، وهو كذلك في الآية.
وهذا مثاله لأَن {هو} يذكر في هذه المواضع إِعلامًا بأَن المبتدأَ مقصور على هذا الخبر وهذا الخبر مقصور عليه دون غيره والذى في آل عمران وقع بعد عشر آيات نزلت في قصة مريم وعيسى، فاستغنت عن التأكيد بما تقدم من الآيات، والدَّلالة على أَن الله سبحانه وتعالى ربّه وخالقه لا أَبواه ووالده كما زعمت النصارى.
وكذلك في سورة مريم وقع بعد عشرين آية من قصتها.
وليس كذلك ما في الزخرف فإِنه ابتداء كلام منه فحسن التأكيد بقوله: {هو} ليصير المبتدأ مقصورًا على الخبر المذكور في الآية وهو إِثبات الربوبيَّة ونفى الأُبوّة، تعالى الله عند ذلك علوًّا كبيرًا.
قوله: {بِأَنَّا مُسْلِمُوْنَ} في هذه السورة، وفى المائدة {بِأَنَّنَا مُسْلِمُوْنَ} لأَن ما في المائدة أَول كلام الحَوَاريين، فجاءَ على الأَصل، وما في هذه السورة تكرار كلامهم فجاز فيه التخفيف (لأَن التخفيف) فرع والتكرار فرع والفرع بالفرع أَولى.
قوله: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ} وفى البقرة {فَلاَ تَكُونَنَّ} لأَن ما في هذه السورة جاءَ على الأَصل، ولم يكن فيها ما أَوجب إِدخال نون التأكيد في الكلمة؛ بخلاف سورة البقرة فان فيها في أَول القصة {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} بنون التأكيد فأَوجب الازدواجُ إِدخال النون في الكلمة فيصير التقدير: فلنولِّينَّك قبلة ترضاها فلا تكوننَّ من الممترين.